سورة الأنبياء - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنبياء)


        


قوله عز وجل: {إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَةً وَاحِدَةً} معناه أن دينكم دين واحد، وهذا قول ابن عباس، وقتادة.
ويحتمل عندي وجهين آخرين:
أحدهما: أنكم خلق واحد، فلا تكونوا إلا على دين واحد.
والثاني: أنكم أهل عصر واحد، فلا تكونوا إلا على دين واحد.
{وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} فأوصى ألا يعبد سواه.
{وَتَقَطَّعُواْ أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: اختلفوا في الدين، قاله الأخفش.
الثاني: تفرقوا، قاله الكلبي.


قوله عز وجل: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ} فيه تأويلان:
أحدهما: معناه حرام على قرية وجدناها هالكة بالذنوب أنهم لا يرجعون إلى التوبة، وهو قول عكرمة.
الثاني: وحرام على قرية أهلكناها بالعذاب أنهم لا يرجعون إلى الدنيا، وهذا قول الحسن، وقرأ أبن عباس: وحَرُم على قرية، وتأويلها ما قاله سفيان: وجب على قرية أهلكناها. [أنهم لا يرجعون قال: لا يتوبون].
قوله عز وجل: {حَتَّى إِذَا فُتِحتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} أي فتح السد، وهو من أشراط الساعة، وروى أبو هريرة عن زينب بنت جحش قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نائماً في بيته، فاستيقظ محمرة عيناه، فقال: «لاَ إِله إِلاَّ اللَّهَ ثَلاَثاً، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِن شَرٍ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَومَ مِن رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجُ مِثْلَ هذَا» وأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عِقْدِ التِّسْعِينَ.
ويأجوج ومأجوج قيل إنهما أخوان، وهما ولدا يافث بن نوح، وفي اشتقاق اسميهما قولان:
أحدهما: أنه مشتق من أَجّت النار.
والثاني: من الماء الأُجاج. وقيل إنهم يزيدون على الإِنس الضعف.
{وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ} وفي حدب الأرض ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه فجاجها وأطرافها، قاله ابن عباس.
والثاني: حولها.
الثالث: تلاعها وآكامها، مأخوذ من حدبة الظهر، قال عنترة:
فما رعشت يداي ولا ازْدَهاني *** تواترهم إليَّ من الحِداب
وفي قوله: {يَنسِلُونَ} وجهان:
أحدها: معناه يخرجون، ومنه قول امرئ القيس:
فسلي ثيابي من ثيابك تنسلِ *** والثاني: معناه يسرعون، ومنه قول الشاعر:
عسلان الذئب أمسى قارباً *** برد الليل عليه فنسل
وفي الذي هم من كل حدب ينسلون قولان:
أحدهما: هم يأجوج ومأجوج، وهذا قول ابن مسعود.
الثاني: أنهم الناس يحشرون إلى الموقف.


قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: وقود جهنم، وهو قول بن عباس.
الثاني: معناه حطب جهنم، وقرأ علي بن أبي طالب وعائشة: حطب جهنم.
الثالث: أنهم يُرمَون فيها كما يُرْمَى بالحصباء، حتى كأن جهنم تحصب بهم، وهذا قول الضحاك، ومنه قول الفرزدق:
مستقبلين شمال الشام يضربنا *** بحاصب كنديف القطن منثور
يعني الثلج، وقرأ ابن عباس: حضب جهنم، بالضاد معجمة. قال الكسائي: حضبت النار بالضاد المعجمة إذا أججتها فألقيت فيها ما يشعلها من الحطب.
قوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الْحُسْنَى} فيها ثلاثة تأويلات:
أحدها: أنها الطاعة لله تعالى: حكاه ابن عيسى.
والثاني: السعادة من الله، وهذا قول ابن زيد.
والثالث: الجنة، وهو قول السدي.
ويحتمل تأويلاً رابعاً: أنها التوبة.
{أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} يعني عن جهنم. وفيهم ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنهم عيسى والعزير والملائكة الذين عُبِدوا من دون الله وهم كارهون وهذا قول مجاهد.
الثاني: أنهم عثمان وطلحة والزبير، رواه النعمان بن بشيرعن علي بن أبي طالب.
الثالث: أنها عامة في كل من سبقت له من الله الحسنى.
وسبب نزول هذه الآية ما حكي أنه لما نزل قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دَونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} قال المشركون: فالمسيح والعزير والملائكة قد عُبِدُوا، فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مَّنَّا الْحُسْنَى أُولئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} يعني عن جهنم، ويكون قوله: {مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} محمولاً على من عذبه ربه.
قوله عز وجل: {لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن الفزع الأكبر النفخة الأخيرة، وهذا قول الحسن.
والثاني: أنه ذبْحُ الموتِ، حكاه ابن عباس.
والثالث: حين تطبق جهنم على أهلها، وهذا قول ابن جريج.
ويحتمل تأويلاً رابعاً: أنه العرض في المحشر.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10